الجمعة، 17 أغسطس 2018

بخصوص الكتاب المقدس (2)

 كلمات الله بطاقة العنوان
كلمات الله بطاقة العنوان
بخصوص الكتاب المقدس (2)

    يُطلق أيضًا على الكتاب المقدس اسم العهد القديم والعهد الجديد. هل تعرفون ماذا تعني كلمة "عهد"؟ تأتي كلمة "عهد" في العهد القديم من عهد يهوه مع شعب إسرائيل حين أباد المصريين وخلَّص بني إسرائيل من الفرعون. بالطبع كان دليل هذا العهد هو دم الحمل المرشوش على الأعتاب، والذي من خلاله أسس الله عهدًا مع الإنسان، إنه عهد فيه كل من وضع دم الحمل على قائمة وعارضتي بابه كان من بني إسرائيل، كانوا شعب الله المختار، كانوا جميعًا مَن سيفرزهم يهوه (لأن يهوه وقتها كان سيقتل كافة أبكار أبناء مصر وأبكار العجول والخراف). هناك معنى ذو مستويين لهذا العهد. لم ينجُ أحد من شعب أو ماشية مصر من يد يهوه؛ كان مزمعًا أن يقتل كل الأبكار من الأبناء والخراف والماشية. وهكذا العديد من أسفار النبوة تتنبأ عن توبيخ المصريين بشدة نتيجةً لعهد يهوه. هذا هو المستوى الأول من المعنى. قَتَل يهوه جميع أبناء مصر الأبكار وجميع أبكار الماشية، وعفى عن جميع بني إسرائيل مما يعني أن يهوه كان يرعى كل من كانوا ضمن أرض إسرائيل، وعفى عنهم جميعًا؛ ابتغى أن يقوم بعمل طويل الأمد فيهم، وأسس عهدًا معهم مُستخدمًا دم الحمل.
منذ تلك اللحظة فصاعدًا، لم يقتل يهوه بني إسرائيل، وقال إنهم سيكونون مختاريه إلا الأبد. بين أسباط إسرائيل الاثني عشر، باشر عمله طوال عصر الناموس كله، وقد أعلن عن شرائعه كلها لبني إسرائيل، واختار من بينهم أنبياءً وقضاة، وكانوا في صميم عمله. لقد قطع عهدًا معهم: ما لم يتغير العصر، كان سيعمل فقط بين المختارين. كان عهد يهوه ثابتًا، لأنه عهد قُطِعَ بالدم، وتأسس مع شعبه المختار. والأهم أنه قد اختار نطاقًا وهدفًا مناسبين باشر عمله من خلالهما لأجل العصر كله، لذلك رأى الشعبُ أهمية خاصة للعهد. هذا هو المستوى الثاني لمعنى العهد. باستثناء سفر التكوين، الذي كان موجودًا قبل تأسيس العهد، فإن كل الأسفار الأخرى في العهد القديم تسجل العمل بين بني إسرائيل بعد تأسيس العهد. بالطبع هناك قصص عرضية للشعوب الأممية، ولكن في المجمل، يوثق العهد القديم عمل الله في إسرائيل. بسبب عهد يهوه مع بني إسرائيل، فإن الأسفار المكتوبة أثناء عصر الناموس يُطلق عليها "العهد القديم". سُميَّت باسم عهد يهوه مع بني إسرائيل.

    العهد الجديد سُمي على اسم الدم الذي سفكه يسوع على الصليب وعهده مع كل من يؤمن به. كان عهد يسوع هكذا: كان ينبغي على الناس فقط أن يؤمنوا به لكي ينالوا الغفران من خلال دمه المسفوك، وهكذا سيخلصون وينالون الولادة الجديدة من خلاله، ولا يعودون بعد خطاةً؛ كان ينبغي على الناس فقط أن يؤمنوا به لينالوا نعمته، ولا يتعذبون في الجحيم بعد موتهم. كل الأسفار التي كُتبت في عصر النعمة أتت بعد هذا العهد، وجميعها توثق العمل والأقوال المُتَضمَّنة فيه. هي لا تخرج عن خلاص الرب يسوع وصلبه أو عهده؛ إنها جميعًا أسفار كتبها الإخوة المختبرون في الرب. ومن ثم، سُميت هذه الأسفار أيضًا باسم عهد: إذ دُعِيت "العهد الجديد." هذان العهدان يتضمنان عصري الناموس والنعمة فقط، وليس لهما علاقة بالعصر الأخير. لذلك فإن الكتاب المقدس ليس ذا منفعة كبيرة لأناس اليوم في الأيام الأخيرة. بالأكثر، هو بمثابة مرجع مؤقت، ولكنه في الأساس له قيمة منفعة قليلة. ومع ذلك لا يزال المتدينون يقدِّرونه بشدة. إنهم لا يعرفون الكتاب المقدس؛ يعرفون فقط كيف يشرحون الكتاب المقدس، وهم بصورة أساسية على غير دراية بأصوله. موقفهم تجاه الكتاب المقدس هكذا: كل شيء في الكتاب المقدس صحيح، ليس به أية غلطات أو أخطاء. بعد ذلك يبدؤون في دراسته. لأنهم قرروا أن الكتاب المقدس صحيح في البداية وبلا أخطاء، يدرسونه ويفحصونه باهتمام عظيم. لم يتنبأ الكتاب المقدس بمرحلة عمل اليوم. لم يكن هناك ذِكر قط لعمل الإخضاع في أحلك الأماكن ظلمةً، لأن هذا هو العمل النهائي. لأن عصر العمل مختلف، فحتى يسوع نفسه لم يكن يدري بأن هذه المرحلة من العمل ستتم خلال الأيام الأخيرة، ولذلك كيف يمكن لأناس الأيام الأخيرة أن يدققوا لاكتشاف هذه المرحلة من العمل؟

    يستخدم معظم مَن يشرحون الكتاب المقدس الاستدلال المنطقي، وليس لديهم أية خلفية واقعية. يستخدمون فقط المنطق للاستدلال على العديد من الأشياء. سنة تلو الأخرى لم يتجرأ أحد أن يحلل الكتاب المقدس، أو يقول "لا" للكتاب المقدس، لأن هذا الكتاب هو كتاب مقدس، والناس يعبدونه كالله. استمر هذا الأمر لعدة آلاف من السنوات. لم يبالِ الله، ولم يكتشف أحد قصة الكتاب المقدس الداخلية. نحن نقول إن تقدير الكتاب المقدس هو عبادة أوثان، ومع ذلك لا أحد من أولئك المتدينين الورعين يجرؤ أن يراه بهذه الطريقة، وسيقولون: "أيها الأخ! لا تقل هذا، هذا شنيع! كيف يمكنك التجديف على الله؟" ثم سيتبنون تعبيرًا متألمًا قائلين: "يا يسوع الرحيم، رب الخلاص، أتوسل إليك أن تغفر خطاياه، لأنك أيها الرب تحب الإنسان، ونحن جميعًا أخطأنا، أرجوك أَظهِر لنا عظيم الرحمة، آمين." أنت ترى مدى تقواهم؛ كيف يكون من السهل أن يقبلوا الحق؟ كلامك سيفزعهم بطريقة سخيفة. لا أحد سيجرؤ أن يفكر أن الكتاب المقدس ملوث بالأفكار والتصورات البشرية، لا أحد يمكنه رؤية هذا العيب. البعض مما في الكتاب المقدس هو خبرة ومعرفة بشرية، والبعض الآخر هو استنارة الروح القدس، وهناك أيضًا خداع الفكر والمعتقدات البشرية. لم يتدخل الله قط في هذه الأمور، ولكن هناك حدًا: لا يمكنها تجاوز فكر الإنسان العادي، وإن تجاوزته، فإنها تتدخل في عمل الله وتقاطعه. ما يتجاوز فكر الإنسان العادي هو عمل إبليس، لأنه يجرد الناس من واجبهم. إنه عمل إبليس وهو من يوجهه، وفي هذه اللحظة لن يسمح لك الروح القدس أن تتصرف بهذه الطريقة. أحيانًا يتساءل بعض الإخوة والأخوات قائلين: "هل من الجيد أن أعمل بطريقة كذا وكذا؟" أنظر إلى قامتهم وأقوال: "جيد!" وهناك أيضًا بعض الأناس الآخرين الذين يقولون: "هل حالتي عادية لو عملت بطريقة كذا وكذا" فأقول: "نعم! عادية، عادية جدًّا!" يقول آخرون: "هل من الجيد بالنسبة لي أن أعمل بهذه الطريقة؟" أقول: "لا!" فيقولون: "لماذا هذه الطريقة جيدة بالنسبة له وليست جيدة بالنسبة لي؟" فأقول: "لأن ما تفعله مزعج وينبع من إبليس، ومصدر دوافعك منحرف." هناك أيضًا أوقات لا يمضي فيها العمل قدمًا بما يكفي، ولا يعرف الإخوة والأخوات. يسألني البعض إن كان من الجيد العمل بتلك الطريقة، وحين أرى أن أعمالهم لن تعطل عمل المستقبل، أقول: "إنه جيد." يعطي عمل الروح القدس الناسَ نطاقًا، ليس على الناس أن يتبعوا رغبات الروح القدس حرفيًّا، لأن الناس يتملَّكهم التفكير والضعف العاديان، ولهم بعض الاحتياجات الجسدية ومشكلات واقعية، وفي عقولهم أفكار لا توجد وسيلة للسيطرة عليها. كل ما أطلبه من الناس له حد. يؤمن البعض أن كلماتي غامضة، وأني أخبرهم أن يتصرفوا بأية طريقة، هذا لأنك لا تفهم أن هناك نطاقًا مناسبًا لمتطلباتي. لو كان الأمر كما تتخيل، إن كنت أطلب نفس الأشياء من كل الناس بلا استثناء وأطلب منهم جميعًا أن يصلوا لنفس القامة، لِما نجح الأمر. هذا المطلب مستحيل، وهو مبدأ العمل الإنساني، وليس مبدأ عمل الله. يُنفذ عمل الله وفقًا لظروف الناس الفعلية وهو مبني على إمكانياتهم الفطرية. هذا هو أيضًا مبدأ نشر الإنجيل؛ عليك أن تبدأ ببطء، وتدع الطبيعة تأخذ مسارها، حتى تقول الحق لشخص ما بوضوح. وقتها فقط سيفهمون ويكونون قادرين على تنحية الكتاب المقدس جانبًا. إن لم يقم الله بهذه المرحلة من العمل، من كان سيستطيع أن ينفصل عن التقليد؟ من كان سيستطيع أن يعمل العمل الجديد؟ من كان سيستطيع أن يجد طريقًا جديدًا خارج الكتاب المقدس؟ حيث إن تصورات البشر التقليدية وأخلاقياته الإقطاعية فاضحة للغاية، لذلك ليس لدى الناس المقدرة على التخلي عن هذه الأمور بأنفسهم، وليست لديهم الشجاعة لفعل هذا.. ناهيك عن مدى تقيُّد أناس الحاضر بالقليل من الكلمات الميتة في الكتاب المقدس؛ كلمات تستحوذ على قلوبهم. كيف يمكن أن يرغبوا في التخلي عن الكتاب المقدس؟ كيف يمكنهم ببساطة قبول طريق خارج الكتاب المقدس؟ لا يحدث هذا إلا إذا استطعت أن تتكلم بوضوح عن قصة الكتاب المقدس الداخلية ومبادئ عمل الروح القدس حد يقتنع الناس بشدة؛ وهو أمر ذو ضرورة قصوى. هذا لأن كل شخص في إطار المسيحية، يبجل الكتاب المقدس ويعبده كإله، وهو أيضًا يحاول أن يقيد الله بالكتاب المقدس، والقضية أن هؤلاء الأشخاص حتى يحققون فقط أهدافهم بمجرد أن يسمروا الله على الصليب مرةً أخرى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق