الأربعاء، 5 سبتمبر 2018


المسيح يتمم عمل الدينونة بالحق

إن عمل الأيام الأخيرة هو فرز الجميع وفقًا لنوعهم واختتام خطة التدبير الإلهي، لأن الوقت قريب ويوم الرب قد جاء. سيجلب الله جميع من دخلوا ملكوته أي كل الذين بقوا أوفياء له حتى النهاية، إلى زمن الرب نفسه. ولكن حتى مجيء زمن الرب نفسه، فإن العمل الذي يقوم به الله لا يكمن في مراقبة أعمال الإنسان وفحص حياته، إنما في إدانة عصيانه لأن الله سيطهِّر كل من سيحضر أمام عرشه. فكل الذين اقتفوا أثره حتى ذلك اليوم، هم الذين حضروا أمام عرشه. وبذلك فإن كل من يقبل عمل الله في مرحلته الأخيرة يكون هدفًا للتطهير الإلهي؛ بمعنى آخر، كل من يقبل عمل الله في مرحلته الأخيرة يكون موضوع دينونة الله.

الدينونة التي تحدثنا عنها أعلاه – الدينونة ستبدأ في بيت الله – تشير إلى دينونة الله اليوم لمن سيأتون أمام عرشه في الأيام الأخيرة. هناك ربما مِمَّن يؤمنون بتصوّرات ما ورائية مفادها أن الله في الأيام الأخيرة سيقيم مائدة كبيرة في السماوات يغطيها بمفرشٍ أبيض، ثم يجلس على عرشه العظيم وأمامه جميع البشر ساجدين ليبدأ بكشف خطاياهم ويقرر بناءً عليه من يصعد إلى السماء ومن يُطرح في بحيرة النار والكبريت. التصوّرات البشرية لا تهم، إذ لا يمكن تغيير جوهر عمل الله. فتصوّرات الإنسان ليست إلا من بنات أفكاره ووليدة عقله وزبدة ما استنتجه مما سمعه ورآه. لذلك أقول، مهما كانت تصّوراته رائعة فهي ليست أكثر من مجرد صورة عاجزة عن أن تكون بديلاً لخطة عمل الله؛ فإن كان الإنسان قد أُفسِد من قبل إبليس، كيف يمكنه أن يفهم أفكار الله بصورة كاملة؟ فهو يتخيّل عمل الدينونة الإلهية على أنه أمرٌ رائعٌ وفريد. والإنسان يؤمن أنه طالما أن الله يتمم عمل الدينونة بنفسه، إذًا فهو أمر خارج نطاق قياس واستيعاب البشر، أمرٌ تضجُّ به السماوات وتهتزّ له الأرض، وإلا كيف يكون عملاً للدينونة من قبل الله؟ يؤمن الإنسان أن هيبة وعظمة الله ستتجلى في عمل الدينونة هذا، وأن من سُيدانون سينوحون بالدموع جاثين على ركبهم يترجّون الرحمة. يبدو هذا مشهدًا مذهلاً ومثيرًا... فالكل يتصوّر أن دينونة الله رائعة بشكل يفوق الطبيعة. ولكن هل تعلمون أن الله قد بدأ بالفعل عمل الدينونة بين البشر منذ مدة طويلة وأنتم لا تزالون قابعين في ملجئكم الآمن؟ الوقت الذي تظنون أن الله يبدأ فيه عمل الدينونة رسميًّا هل هو الوقت الذي يصنع فيه الله أرضًا جديدة وسماءً جديدة؟ في هذا الوقت ربما يمكنكم فقط فهم معنى الحياة، ولكن العقاب الإلهي المجرد من الرحمة سيطرحكم في الجحيم، أنتم أيها النائمون في سُبات، إلى الجحيم. وقتها فقط ستدركون فجأةً أن دينونة الله قد انتهت.

دعونا لا نهدر وقتًا ثمينًا ونتحدث عن هذه المواضيع البغيضة المقيتة، بل لنتحدث عما يُشكِّل الدينونة. حين تُذكر كلمة "دينونة" تفكرون في الكلمات التي قالها يهوه لكافة الأماكن وكلمات التوبيخ التي قالها يسوع للفريسيين. وعلى الرّغم من حِدَّتِها، لا تُعتبر هذه الكلمات دينونة من الله على الإنسان، إنما كانت فقط كلمات قالها في بيئات متنوّعة أي في أوضاع مختلفة؛ هذه الكلمات ليست مثل الكلمات التي سيتفوّه بها المسيح وهو يدين الإنسان في الأيام الأخيرة. ففي الأيام الأخيرة سيستخدم المسيح مجموعة من الحقائق المتنوعة لتعليم الإنسان كاشفًا جوهره ومُمحّصًا كلماته وأعماله. تضم هذه الكلمات حقائق متنوعة مثل واجب الإنسان، وكيف يجب عليه طاعة الله، وكيف يكون مواليًا لله، وكيف يجب أن يحيا كإنسان عادي، بالإضافة إلى حكمة الله وتدبيره، وما إلى ذلك. هذه الكلمات جميعها موجَّهة لجوهر الإنسان وطبيعته الفاسدة؛ وبالأخص تلك الكلمات التي تكشف كيفية ازدراء الإنسان بالله، بالمقارنة مع كيفية تجسيد الإنسان لإبليس والقوة المعادية لله. ببساطة، لا يبيّن الله ببضع كلمات أثناء قيامه بعمل الدينونة طبيعة الإنسان؛ بل يكشفها ويعالجها ويهذّبها على المدى البعيد. ولا يمكن الإستيعاض عن طرق الكشف والمعالجة والتهذيب هذه بكلمات عادية، إنما يتم التعبير عنها بالحق الذي لا يمتلكه الإنسان على الإطلاق. يمكننا فقط اعتبار هذه الوسائل على أنها دينونة؛ ومن خلال هذه الدينونة يمكن كبح الإنسان وإخضاعه لله؛ لا بل ويمكن للإنسان نفسه اكتساب معرفة حقيقية عن الله. تؤدي الدينونة إلى أن يتعرّف الإنسان على وجه الله الحقيقي وعلى حقيقة تمرّده أيضاً. يسمح عمل الدينونة هذا للإنسان بالحصول على فهم أعمق لمشيئة الله وهدف عمله والأسرار التي يصعب عليه فهمها. كما ويسمح للإنسان أيضاً بمعرفة وإدراك طبيعته الفاسدة وجذور فساده إلى جانب اكتشاف قبحه. هذه هي آثار عمل الدينونة، لأن جوهر هذا العمل هو إظهار الحق والطريق والحياة الإلهية لكل المؤمنين به، وهو عمل يقوم به الله ذاته. إن كنتم لا تعتبرون هذه الحقائق ذات أهمية وتفكرون دائمًا في تجنُّبها أو إيجاد طريق بعيد عنها، دعوني أقول لكم إنكم خطاة بشعون. إن كان لديكم إيمان بالله، ولا تسعون لمعرفة حق الله أو مشيئته ولا تحبون الطرق التي تقرِّبكم من الله، فدعوني أقول لكم إنكم تحاولون التهرُّب من الدينونة، وإنكم ألعوبة الشيطان، خائنون هاربون من العرش الأبيض العظيم. الله لا يعفو عن أي متمرّد هارب من وجهه، فأولئك ينالون عقاباً أكثر شدة. أما الذين يأتون أمام الله للقضاء، وقد تمّ بالأكثر تطهيرهم، سيحيون في ملكوت الله إلى الأبد. بالطبع سيحدث هذا الأمرُ في المستقبل.

إن الدينونة هي عمل الله، لذلك من الطبيعي أن يقوم بها الله بنفسه، إذ لا يمكن للإنسان أن ينوب عنه في هذا العمل. وحيث أن الدينونة هي إخضاع الجنس البشري بواسطة الحق، فلا شك أن الله لا يزال يظهر في الصورة المتجسدة ليتمم هذا العمل بين البشر. أي أنه في الأيام الأخيرة سيستخدم المسيحُ الحقَّ ليعلم البشر الموجودين على الأرض ويجعلهم يدركون كافة الحقائق. هذا هو عمل دينونة الله. يشعر العديد من الناس بالسوء فيما يخص التجسد الثاني لله إذ يصعب عليهم تصديق أن الله سيصير جسدًا ليتمم عمل الدينونة. ومع ذلك يجب أن أخبركم أن عمل الله غالبًا ما يتخطى التوقعات البشرية ويصعُب على العقل البشري قبوله. لأن البشر ليسوا إلا دوداً على الأرض بينما الله هو الكائن الأسمى الذي يملأ الكون؛ والعقل البشري يشبه حفرة ماءٍ قذر لا تنمو فيه إلا اليرقات؛ في حين أن كل مرحلة من مراحل العمل التي تضبطها أفكار الله هي خُلاصة حكمته. يرغب الإنسان باستمرار أن يقاوم الله، ومن الواضح من سيكون الخاسر في النهاية. أحثكم جميعاً ألا تنظروا بُعُجْبٍ إلى أنفسكم. إن كان يمكن لآخرين قبول دينونة الله، فلماذا لا يمكنكم أنتم قبولها؟ هل أنتم أرفع مقاماً منهم؟ إن كان باستطاعة آخرين حني رؤوسهم أمام الحق، فلماذا لا يمكنكم القيام بالشيء نفسه أيضًا؟ إن لعمل الله قوة دافعة لا يمكن إيقافها، ولن يكرر الله عمل الدينونة مجددًا من أجل "استحقاقكم"، وستشعرون بندم لا حد له إذا أضعتم مثل هذه الفرصة الجيدة. إن كنتم لا تصدقون كلماتي، فعليكم انتظار العرش الأبيض العظيم في السماء ليدينكم! يجب عليكم أن تعرفوا أن شعب إسرائيل كله عصى يسوع ورفضه، ولا تزال حقيقة فداء يسوع للبشرية يُكرَزُ بها إلى أقاصي المسكونة. أليست هذه حقيقة قد كشفها الله منذ زمن طويل؟ إن كنتم لا تزالون بانتظار يسوع أن يأخذكم للسماء، أقول لكم إنكم غصن عنيدٌ وميت[1] . لن يعترف يسوع بمؤمن مزيف مثلكم، خائنٌ للحق ومطالبٌ بالبركات فقط. على النقيض من هذا، سيطرحكم الله بلا رحمة في بحيرة النار لتحترقوا لعشرات آلاف السنين.

هل تدركون الآن ماهية الحق والدينونة؟ إن أدركتم هذا فأنا أحثكم على أن تخضعوا بطاعة للدينونة وإلا فلن تنالوا الفرصة أبداً كي تُزكّوا من قبل الله أو تدخلوا ملكوته. أما أولئك الذين يقبلون الدينونة فقط ولكن لا يمكن أبداً تطهيرهم، أقصد الذين يهربون في منتصف عمل الدينونة، سيمقتهم الله ويرفضهم إلى الأبد. خطاياهم لا حد لها وأكثر فداحة من خطايا الفريسيين لأنهم خانوا الله وتمردوا عليه. أولئك الأشخاص الذين ليسوا أهلاً حتى لأن يؤدوا الخدمة سينالون أشد، عقاب أبدي. لن يعفو الله عن أي خائن أظهر ولاءه بالكلمات وخان الله بعد ذلك. فمثلُ هؤلاء سينالون عقاب الروح والنفس والجسد. أوليس هذا بالتحديد إعلان عن طبيعة الله العادلة؟ أوليس هذا هو الهدف الإلهي من دينونة الإنسان وإظهار حقيقته؟ إن الله في وقت الدينونة يودع جميع من قاموا بمثل هذه الأعمال الأثيمة مكانًا يضج بالأرواح الشريرة، ويسمح لتلك الأرواح الشريرة بسحق أجسادهم لتفوح منها روائح كريهة، وهذا عقابهم العادل. يُدوّن الله في أسفار هؤلاء المؤمنين المزيّفين الخائنين، الرسلَ والعاملين الكذبة كلَّ ما اقترفوه من خطايا؛ وعندما يحين الوقت المناسب يلقي بهم وسط الأرواح النجسة لتنجس أجسادهم كما يحلو لها فلا تلبس جسداً جديداً ولا ترى النور أبدًا. أولئك المراؤون الذين خدموا لبعض الوقت ولم يستطيعوا البقاء أوفياء حتى النهاية يحسبهم الله من بين الأشرار ليتبعوا مشورتهم ويصبحوا جزءًا من جماعتهم المتمردة وفي النهاية يقوم بإبادتهم. لا يكترث الله أو يبالي بأولئك الأشخاص الذين لم يكونوا أوفياء أبدًا للمسيح ولم يبذلوا أي جهد يُذكر، إذ أن الله سيبيدهم جميعًا بتغيير العصور. لن يستمرّوا بالبقاء على الأرض ولن يدخلوا ملكوت الله. أولئك الأشخاص الذين لم يكونوا أوفياء أبدًا لله ولكن أجبرتهم الظروف على التعامل معه بصورة روتينية يُحسبون من بين الأشخاص الذين قدموا خدمة لشعب الله، وفقط عدد صغير منهم سينجو بينما ستفنى الأغلبية مع أولئك غير المؤهلين حتى لأداء الخدمة. وفي النهاية سُيدخل الله إلى ملكوته من تحلّوا بفكره برفقة شعبه وأبناءه والذين سبق فعيّنهم ليكونوا كهنةً. هذه هي النتيجة النهائية لعمل الله. أما أولئك الأشخاص الذين لا يندرجون تحت أية فئة سبق فوضعها الله سيُحسبون مع غير المؤمنين، ويُمكنكم تخيُّل نهايتهم. لقد قلت لكم بالفعل كل ما يجب عليَّ قوله؛ الطريق الذي ستختارونه هو قراركم الخاص. وما عليكم إدراكه هو أن عمل الله لا ينتظر أبدًا من يتخلّفون عن اللحاق به فلن تُظهر شخصية الله البارة أية رحمة لأي إنسان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق